كَيّف الهَوَى يَ والدي ؟

عشتُ يومًا تساءلت به "كيف الهوى" ؟ هل دروب العشق مؤلمة؟
أ نتوه فيها حينًا
أ نشيخ منها حُزنًا

أ صحيحا ما يقال: أمات الحب عُشاقًا* ؟







صبية ذي جديلتين منسابتين على كتفين اعتادت حمل حقيبة مدرسية.
صبية ذي سبعة عشر ربيعا.
كانت تتجاذب أطراف الحديث مع والدها أثناء تناولهم العشاء
ابتدئ الحديث عن والدتها التي هجرتهم دون سابق إنذار. اعتذرت للحاق بفتوتها فقط.
انكسار أباها وعيناه تقاوم ذرف دموع ألم لم تمنعها من التساؤل "كيف الهوى يا أبي" ؟


::




:لماذا تعاودين سرد هذه الحكاية في كل لقاء؟ في كل عناق بعد فراق؟
- ..... أنا لن أتركك يومًا
كن على علمٍ يا سيدي، لن أخذلك
لن أكون "والدتي" لطفلتنا
لن تذرف دمعك ألمًا وقهر حين تقاسمك طفلتي سرها
:أوه، ذلك يعني أنكِ لم تحبيني حتى الآن؟
- لا شأن لك بهذا، أقسم لك أريد حبّك
أ يعقل أن أشاركك الحياة دون محبة؟
لنا الظروف ذاتها، نكابد للعيش بسلام
منك تعلمت الصفح
النقاء
الصبر
منك اكتسبت عادة البوح
أثق بك
هُنا على هذه الأرض، بين هذه الجدران؛ منزلي وأماني

عشرون عام أتساءل "كيف الهوى يا والدي"؟
حتى وافاه الأجل
حتى زُففتُ إليكَ عروسًا
عشرون عامٍ وعيناي ترقبُ والدي الحزين
كان يحيك لي ثوبي الممزق ليلًا على ضوء الشمع
يحرص على التواجد في المنزل قبل غروب الشمس
حين بلوغ الثالثة عشرة اصطحبني إلى منزل عجوزٍ أسفل القرية، أودعها مبلغًا زهيد وفتاة
حينها ظننت أنه قرر الرحيل. لم أبكي
لم أشق صدري قهرًا
لازمت العجوز ليلًا مع نهار. أخبرتني عن حكايات كُثر
ليلًا، كانت تهمس لي أين يكمل جمال المرأة وعزها. وأحاديث لم أعرها بالًا
قضيت معها ثلاثة أشهر، حتى طُرق باب منزلها صباحًا وكان والدي قد عاد
لم أفرح. أخذت أقبل يده وأحمل عنه قارورة ماء وخبز.
بينما هو ضمني إلى صدره بشدّة، بكى كثيرًا ثم نظر إلى وجهي وأخذ يردد اسم والدتي
:هل عادت أمي يا أبي؟
- لم تعد ولكنها أتت بكِ إليّ، أصبحتِ تشبهينها كثيرًا.
ثم ادخل يده في جيبه واخرج منها قرطين، طلبني أن أخرم أذناي وأنا لا أعلم كيف؟ طلبني ارتداؤهم. كُنتُ أظن أنها الأبقار فقط من تخرم أجسادهم علامة كي لا تضيع!
بعد أن أخذني أبي إلى حضنه بشدة. بل بعد محاولة بائسة ليلًا في إدخال القرط إلى أذني نجحت
اتسخ ثوبي بالدماء ولم تكن المرة الأولى.
صباحًا، عندما أقبلت على والدي مرتديه القرطين خرج مسرعًا ثم عاد ويده يكتسحها السواد
اخذ إناء ثم خرج وعاد بعدها قال لي اكتحلي بهذه ثم صمت
كان منزل العجوز بعيدًا جدًا
ولأنني طفلة دون أم لم يكن لي رفيقات دراسة
"لكن يا أبي كيف يكون الاكتحال"





أريد أن أحبك،
أن أبكيك شوقًا
أن أحتضنك دون المسائلة مع ذاتي "هل من داعٍ لهذا؟ "
أن أحمدُ الله في خُلدي أن قذفك في طريقي كسفينة نوح، نجيتنِ من الغرق
بل أنا كذلك أحمدُ الله عليك. لأنك أنتَ فوق أن أتخيل
طلبني والدي التجمل دون أن يعلمني كيف.
وأنتَ تطلبني حبك دون أن تعلمني كيف!
علمني أحبك كي لا أتوه كل أرق في التفكير كيف!
علمني حبك كي أعيش
فقط؛ علمني حُبك لأنكَ تستحق.


*الاقتباس للشاعر العريق/ فاروق جويدة